✍️ يا أحبتي، يا إخوتي وأخواتي، الإيمان ليس قرارا دُفعيا: أنا سأقرر أن أكون مؤمنا، فإذا أنا مؤمن. مُستحيل! الإيمان لا يكون هكذا، الإسلام يكون هكذا. الإسلام إعلان، الإسلام إعلان! هل تُريد أن تنتمي إلى هذه الأمة؟ هل تستعلن بنفسك فردا عضوا في هذه الأمة؟ نعم. بشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله.
✍️ مع أن باطن الإسلام إيمان؛ لأن الشهادة الحقة ليست هي قول اللسان، هذا يُقبل منك لأمور إجرائية، لأمور إجرائية ولتسهيل المُعاملات؛ تسهيل المُعاملات المِلية! أهلا وسهلا بك، قبلناك مُسلما. وقد تكون ماذا؟ البعيد الأبعد قد يكون مُنافقا زنديقا مُندسا جاسوسا! أليس كذلك؟ ويستعلن بالإسلام، كما يفعل بعض الزنادقة في كل زمان وفي كل حين! لكن على كل حال، لكن باطن هذه الشهادة، ما هو؟ الإيمان. فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ *. عادل بين الإسلام والإيمان. الإسلام بظاهره إعلان، والإسلام في باطنه إيمان.
✍️ لماذا؟ ما معنى أشهد؟ الشهادة في أصل الوضع، في الوضع اللُغوي، ما هي؟ الشهادة هي الرؤية بالباصرة. وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا *، أنك رأيت شيئا، أحسست شيئا بالباصرة، شهدت. على مثل الشمس، فاشهد. كما ترى الشمس! إن رأيت الواقعة أو الحادثة، كما ترى الشمس، فاشهد. وإلا، فأمسك عن الشهادة. إذن أنت تقول أشهد أن لا إله إلا الله. الله أكبر، مقام عظيم إذن هذه، لكن نحن أخذنا منها ماذا؟ قول اللسان فقط.
✍️ ولذلك الإسلام في ظاهره إعلان، إجرائي كما قلت، تسهيلا للمُعاملات المِلية، لكي تنسلك عضوا في هذه الأمة وفي هذه المِلة، لكن باطنه عند التحقيق، يُفضي إلى ماذا؟ إلى الإيمان. مُباشرة! طبعا. تصل إلى مقام الشهود، أن تعبد الله كأنك تراه. هذا هو، مقام الشهود. باطنه إيمان وإحسان.
✍️ كأن الإسلام، أيها الإخوة، بهذا الشعار العظيم؛ الشهادتين، كأنه ماذا؟ كأنه خارطة طريق. هذا هو الطريق! يبدأ بهذا الإعلان، وينتهي بماذا؟ بالشهود الحقيقي. كأنك ترى الله! كما قال إمامنا؛ الإمام علي – عليه السلام وكرم الله وجهه – لو رُفع الحجاب، او ارتفع الغطاء، ما ازددت يقينا. الله أكبر، لا إله إلا الله! وهذا معنى كأنك تراه! أن تعبد الله كأنك تراه. هو بلغ هذا المقام – عليه السلام -، الإمام علي بلغ مقام الإحسان، كأنه يراه.
✍️ وحدثتكم مرة عن ابن عمر – رضي الله تعالى عنهما -، كيف أتاه رجل، وهو يطوف بالكعبة، يُريد أن يخطب – علي ما أذكر -، أن يخطب إليه ابنته، فتشوش ابن عمر، أي قال له يا أخي، أما أتيتنا إلا في هذه الساعة التي نتراءى فيها ربنا؟ الله! حالة من الشهود. أما أتيتني إلا في هذه الساعة التي نتراءى فيها ربنا؟ حالة من الشهود.
✍️ إذن الإسلام إعلان. أما الإيمان، فعيش ونمو ونضج وسير وقطع مراحل. قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا *، هذا لم يحصل، لكن قريب حصوله – بفضل الله وحوله -، وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ *، أي لم يدخل! والإيمان لا يدخل بقرار إذن، لا يدخل بإعلان؛ أعلنت أنني مؤمن، أردت أن أكون مؤمنا، قررت أن أكون مؤمنا! كما تُقرر أن تدفع دينا، تُسدد دينا، أو تُقرب صدقة، أو تُضحي أُضحية.
✍️ لا! هذه مسائل تحتاج إلى قرار واحد، وقرار دُفعي، مرة واحدة، نعم! أما الإيمان، فلا يُمكن أن يكون بقرار دَفعي. الإيمان يكون بماذا؟ بمراحل تُقطع وبسبيل وبصراط تُنزل منازله على مدى العمر. ولذلك المؤمن لا ينتهي عن فعل الخير، ولا يشبع من خير، ولا يشبع من الازدلاف والاقتراب من الله، إلا بلقاء الله. لا بد أن يموت، حتى يشبع. لا ينتهي! هذا الذي لم نحذقه جيدا. هذا الذي لم نفهمه جيدا.
◀ من خُطبة #صراطية_الحقائق - الجزء الأول، للدكتور #عدنان_إبراهيم:
[ Ссылка ]
Ещё видео!