البرع..
تحتل رقصة "البَرَع" مكانة خاصة، وبالذات في النصف الأعلى من المرتفعات الغربية، حيث صنعاء والمحافظات المحيطة بها.
وتُصنّف رقصة البرَع كرقصة جماعية مقتصرة على الذكور تحاكي في تنقلاتها المبارزات القتالية والتكتيك الحربي ومهارات الاصطفاف والانقضاض والكرّ والفرّ. وهي على غرار رقصات أخرى تؤدى في مناطق مختلفة من اليمن مثل رقصة "العِدّة" في حضرموت شرقي البلاد والتي تستخدمُ فيها "العصا" و"الترس"، ورقصات "الحقفة، الفرساني، الحمرة، والشنب، والتسييف والمباينة" في تهامة في أقصى الغرب ويؤدى بعضها بالسيف، ورقصة "البروشية" في إب، و"الشرْح" في تعز، ويستخدم فيهما الجنابي وهي الخناجر اليمنية المعقوفة والمعروفه وقد بذلت قصار جهدي في دمج البرع مع باقي المعزوفات التراثية الأخرى وإيصال البرع إلى كل محافظات اليمن ودول العالم..
وتبدأ رقصة "البرع" بقرع "الطاسة" وهي إناء نحاسي مغطى بالجلد يصدر نغمات رنانة وقوية ويصاحبه "المَرْفَع" بنغمة ثابتة وغليظة، يتجمع على إثرها الراقصون بزيهم الشعبي وتلتمع الجنابي بأضواء الشمس ارتفاعاً وانخفاضاً، ويبدأ الإيقاع في التسارع في حين يبدأ عدد الراقصين بالتناقص إلى أن ترسو التصفيات على راقصين اثنين في طور يسمى "الهوشلية" يخيل للمشاهد فيه أن أحدهما سيجرح الآخر من شدة التقارب وسرعة الإيقاع وبيد كل منهما الجنبية وهي الخنجر اليمني المعروف.
ورقصة البرع تمر من بدايتها حتى نهايتها بأربعة أطوار هي "الدسعة، الوسطى، السارع، الهوشلية". وتتنوع رقصات البرع بتنوع المناطق والقبائل وكلٌّ لها تسميتها وفقاً للقبيلة أو المنطقة، فهناك الهمدانية، الحارثية، اليافعية، الصعدية، البيضانية، العزانية، المطرية، السنحانية، اللحجية، الظفيرية، الحاشدية، الخولانية، الحيمية، السريحية.. ويرى محمود قاسم وهو أحد المهتمين بدراسة البرع، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأن الرقصة "الحيمية" (نسبة إلى منطقة الحيمة غرب صنعاء) هي أشد هذه الرقصات سخونة وأكثرها متعة.
يُقدّر عمر البرع اليمني بآلاف السنين، ويقال إن التسمية مشتقة من البراعة، ورغم كونها رقصة حربية في تقاسيمها وتعابيرها، إلا أنها تؤدى في أغلب المناسبات والأفراح، وتمارس أكثر أثناء احتفالات الزواج وكذا في الملتقيات القبيلية ذات الطابع التصالحي. وفي العقود الأخيرة صارت رقصة البرع تؤدى بشكل اعتيادي في المناطق التي يرتادها السياح الأجانب وخصوصاً في منطقتي ضلاع همدان وشبام كوكبان، شمال وغرب العاصمة صنعاء.
يعتقد المهتمون بالفلكلور الشعبي اليمني أن رقصة البرع تعزز لدى أبناء القبيلة خاصية العمل الجماعي وتبادل الأدوار وتناسق الخطى. ويقال إن الاحتكام لرقصة البرع كان حلاً للفصل بين اثنين تقدما للزواج بنفس الفتاة فتحكم الفتاة عليهما بأن يشتركا في رقصة برع وتظل هي تراقب عن كثب ثم تختار منهما الأكثر براعة.
واحتفظت رقصة البرع بجاذبيتها للأجيال الجديدة حيث يعكف الفتيان على تعلمها، ما يجعلها أحد ألوان الفلكلور اليمني المتجددة، ومع ثورة الوسائط الجديدة حازت على انتشار واسع عبر مواقع الفيديو وأصبح تعلمها أكثر سهولة إذ يستعين المهاجرون اليمنيون أحياناً بتسجيلات جاهزة للإيقاع، تُغنيهم عن وجود "الطاسة" و"المرفع".
تصوير واخراج : شركة ZOOM.4K
[ Ссылка ]
Ещё видео!