الثلاثاء 31 ديسمبر 2024
غُرَبَاءُ وَنُزَلاَءُ
«هؤُلاَءِ أَجْمَعُونَ ... أَقَرُّوا بِأَنَّهُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلاَءُ عَلَى الأَرْضِ» ( عب 11: 13 )
الصفة التي يتصف بها كل مؤمني العهد القديم والجديد أنهم “غُرَبَاءُ وَنُزَلاَءُ”. “غُرَبَاء” أي بعيدون عن الوطن الذين وُعدوا به. لكن فترة الغربة قصيرة نسبيًا، لذلك يوصفوا بأنهم “نُزَلاَءُ”؛ «لأَنِّي أَنَا غَرِيبٌ عِنْدَكَ. نَزِيلٌ مِثْلُ جَمِيعِ آبَائِي» ( مز 39: 12 ؛ 1بط2: 11).
ومع أن إبراهيم كان لديه من الممتلكات ما يجعله من أثرياء جيله، ويمكنه أن يعيش في قصر فاخر، لكنه سكن في خيمة لأنه كان يتطلع إلى ما هو أعظم وأبقى «بِالإِيمَانِ تَغَرَّبَ فِي أَرْضِ الْمَوْعِدِ كَأَنَّهَا غَرِيبَةٌ، سَاكِنًا فِي خِيَامٍ ... لأَنَّهُ كَانَ يَنْتَظِرُ الْمَدِينَةَ الَّتِي لَهَا الأَسَاسَاتُ» ( عب 11: 9 ، 10). وأمثال هؤلاء الأتقياء لا يجذبهم بريق هذا العالم الزائل لأنهم يعلمون حقاً ثمينًا ذا وجهين، أولاً أنه ينتظرهم وطنًا أفضل في السماء. ثانيًا: أن هذا العالم المادي مصيره الزوال، لذلك يستعملونه دون أن يكون له في قلوبهم أي مكانً «الَّذِينَ يَسْتَعْمِلُونَ هَذَا الْعَالَمَ كَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَعْمِلُونَهُ. لأَنَّ هَيْئَةَ هَذَا الْعَالَمِ تَزُولُ» ( 1كو 7: 30 ، 31).
نعم، ما أحلى وأسمى حياة الغريب النزيل! بقدر ما نُدرك أننا غُرَبَاء وَنُزَلاَء، بقدر ما نسلك بالتقوى في زمان الغربة. فالمؤمنون المتغربون يسلكون في نور الأبدية، ويتعففوا عما هو أرضي: أي أن تكون توجهات قلوبهم متوافقة مع جنسيتهم السماوية. رجاء وصولهم اليقيني إلى هذا الوطن المجيد يستلزم أن يسلكوا سلوكًا يتوافق مع دعوتهم السماوية، ويعينهم أن ينفصلوا عن الشر الذي في العالم، وعن مبادئ العالم التي يستقونها من رئيس نظام هذا العالم؛ إبليس. وأيضًا أن يُتمّموا واجباتهم تجاه المجتمع الذي يعيشون فيه، بأكثر أمانة وإخلاص، لأن قصد الرب أن يكون المؤمنون في العالم، ليضيئوا بين الناس كأنوار.
أيمن يوسف
#طعام_وتعزية
#دار_الإخوة_للنشر
Ещё видео!