《 بسم الله الرحمن الرحيم 》 اليوم نتحدث عن قصة عظيمة في القوة وفي نفس الوقت العفوا والصفح والكرم المنقطع النظير وأقسم بالذي نفسي بيده أنا لما قرأت القصة دمعت عيني حيث جسدت كل معاني الحسنة في هذا الرجل الذي سوف نتحدث عنه وهو أمير العرب وأمير قبائل طي وسيدها (اوس ابن حارثة أبن لام الطائي ) جد قبائل بني لام وفخرها مع الشاعر( بشر أبن أبي خازم)الاسدي الذي هجا والدة أوس (سعدى) ☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆
فباسم الله أبدأ بذكر أوس بن حارثة بن لأم الطائي رضي الله عنه، رأسُ طيء، عاش مائتي سنة (1)، وقد رأسَ ثمانين عاماً (2)، وقد كان رئيساً نبيلاً عالي الهمّة (3)، كانت له صحبة مع النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك أنه أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ابسط يدك، قال: (على ماذا ؟،) قال: على أن أشهد أن لا إله إلا الله غير شاك، وأنك رسول الله غير مرتاب، وعلى أن أضرب بهذا.. وأشار بسيفه.. من أمرتني، فقال: (أحسنت بارك الله عليك). (4)
ولأوس بن حارثة محاسن كثيرة في الجود والكرم والعفو والصفح ومن ذلك أن أوساً بن حارثة بن لأم الطائي كان سيداً مطاعاً في قومه وجواداً مقداماً، فوفد هو وحاتم الطائي، على عمرو بن هند، فدعا عمرو أوساً فقال له: أنت أفضل أم حاتم؟ فقال: أبيت اللعن!، لو ملكني حاتم وولدي ولحمتي لوهبنا في غداة واحدة.
ثم دعا عمرو حاتماً فقال له: أنت أفضل أم أوس؟
فقال: أبيت اللعن!، إنما ذكرت أوساً ولأحد ولده أفضل مني، فاستحسن ذلك منهما وحباهما وأكرمهما، ثم قال: (والله ما أدري أيكما أفضل، وما منكما إلا سيد كريم) (5).
وقد عرفت طيء بالجود والكرم ويضرب بها المثل فيقال جود طيء وذلك لكون حاتم وأوس بن حارثة بن لأم منهم وهما آيتان في الجود والكرم، قال أبو تمام الطائي:
سما بي أوس في السماح وحاتم
وزيد القنا والأثرمان ونافع
وقال موضع آخر:
أحق الناس بالكرم امرؤٌ لم
يزل يأوي إلى أصلٍ كريم
لكل من بني حواء عذرٌ
ولا عذرٌ لطائيٍّ لئيمٍ
وهذا شعر لأحمد بن أبي الحارث الخراز في حبيب الطائي يقول فيه:
لو أنك إذ جعلت أباك أوساً
جعلت الجد حارثة بن لام
وسميت التي ولدتك سعدى
فكنت مقابلاً بين الكرام
ومن محاسن أوس أن الملك النعمان بن المنذر اجتمعت عليه وفود العرب من كل حي وفيهم أوس، فدعا بحلة من حلل الملوك وقال للوفود: احضروا في غد فإنني ملبس هذه الحلة أكرمكم، وفي الغد حضر القوم جميعاً إلا أوساً، فقيل له: لم تخلف؟.
فقال: إن كان المراد غيري فأجمل الأشياء بي ألا أكون حاضراً، وإن كنت المراد فسأطلب.
فلما جلس النعمان ولم يرَ أوساً قال:
اذهبوا إلى أوس فقولوا له: احضر آمناً مما خفت.
فحضر فألبس الحلة فحسده قوم من أهله، فقالوا للحطيئة: اهجه ولك ثلاثمائة ناقة.
فقال: كيف أهجو رجلاً لا أرى في بيتي أثاثاً ولا مالاً إلا منه، ثم قال:
كيف الهجاء وما تنفك صالحة
من آل لامٍ بظهر الغيب تأتيني (6)
فقال لهم بشر بن أبي خازم: أنا أهجوه لكم، فهجاه وأعطوه الإبل. فلما عرف أوس ذلك أغار على النوق فاكتسحها، وطلبه فهرب منه والتجأ إلى بني أسد عشيرته، فمنعوه منه ورأوا تسليمه إليه عاراً، فجمع أوس جديلة طيء وسار بهم إلى أسد، فالتقوا بظهر الدهناء فاقتتلوا قتالاً شديداً، وفي ذلك أنشد رُويشد بن كثير الطائي (7) شعراً قال فيه:
يا أيها الراكب المُزجي مطيته
سائل بني أسد ما هذه الصوتُ
وقل لهم بادروا بالعذر والتمسوا
قولاً يبرئكم إني أنا الموتُ
إن تُذنبوا ثم تأتيني بقيتكم
فما عليّ بذنبٍ عندكم فوتُ
فانهزمت بنو أسد، وهرب بشر (9) فجعل لا يستجير حياً من أحياء العرب إلا قالوا له:
(قد أجرناك من الجن والإنس إلا من أوس، (10)) فلم يلبث حتى أتى به أسيراً،
وقال له: يا بشر ما ترى أني أصنع بك؟ فقال بشر:
إني لأرجو منك يا أوس نعمةً
وإني لأخرى منك يا أوس راهبُ
وإني لأمحو بالذي أنا صادق
به كل ما قد قلت إذ أنا كاذب
فهل ينفعني اليوم عندك أنني
سأشكر إن أنعمت والشكر واجب
فدى لابن سُعدى بنعمة
بني أسد أقصاهم والأقارب
تداركني أوس بن سُعدى بنعمة
وقد أمكنته من يديّ العواقب (11)
وفيا رُوي عن الأصمعي أنه قال: قال الرشيد يوماً: يا أصمعي أتعرف للعرب اعتذارا وندما ودع النابغة فإنه يحتج ويعتذر فقلت: ما أعرف ذلك إلا بشر بن أبي خازم الأسدي فإنه هجا أوس بن حارثة بن لام فأسره بعد ذلك فأراد قتله فقالت له أمه وكانت ذات رأي: والله لا محا هجاءه لك إلا مدحه إياك فعفا عنه. فقال بشر:
وإني على ما كان مني لنادم
وإني إلى أوس بن لام لتائب
فهب لي حياتي والحياة لقائم
يسرك فيها حين ما أنت واهب
وإني إلى أوس ليقبل توبتي
ويعرف ودي ما حييت لراغب
سأمحو بمدح فيك إذ أنا صادق
كتاب هجاء سار إذ أنا كاذب
وقد منّ عليه أوس وحمله على فرس جواد ورد عليه ما كان أخذ منه وأعطاه من ماله مائة من الإبل وكساه وحمله، وقال انصرف إلى أهلك راشداً، فرفع بشر يده وطرفه إلى السماء ثم قال: اللهم أشهد على بشر أنه لا يمدح أحداً غير أوس بن حارثة ما مددت له في العمر، فمدحه بعدة قصائد ومن قوله :
إلى أوس بن حارثة بن لأم
ليقضي حاجتي فيمن قضاها
إذا ما راية رفعت لمجد
أقاموها ليبلغ منتهاها
فما وطيء الثرى مثل ابن سُعدى (12)
ولا لبس النعال ولا احتذاها (13)
وقيل في مصادر أخرى إنه مدحه مبتدئاً بقوله :
أتعرف من هنيدة رسم دارٍ
بحرجي ذروةٍ فإلى لواها
ومنها منزل ببراق خبت
عفت حقباً وغيرها بلاها (14)
وأعتقد أنها قصيدة واحدة لتوافق البحر والقافية في كلتا القصيدتين
وكان أوس فارساً من فرسان طيء وقد أغار على قبيلة هوازن في بلادهم فسبى منهم سبياً فقصده أبو براء عامر بن مالك فيهم فأطلقهم له وكساهم، فقال أبو براء يمدح أوس:
ألم ترني رحلتُ العيس يوماً
إلى أوس بن حارثة بن لام
إلى ضخم الدسيعة مدحجيّ
نماه من جديلة خير نام (15)
وفي أسرى هوازن أدركتهم
فوارس طيء بلوى برام
تقرب ما استطاع أبو بجير
وفك القوم من قبل الكلام
فما أوس بن حارثة بن لامٍ
بغمرٍ في الحروب ولا كهامِ (16)
وفاة أوس
ذكر أبو مخنف لوط بن يحيى
Ещё видео!