الإرهاب والإرهاب المضاد
بقلم خالص جلبي
يقول القانون الثالث في الميكانيكا الذي اكتشفه نيوتن أن كل فعل له رد فعل مكافيء له في القوة ومضاد له في الاتجاه. وفي الذرة تتعادل شحنة الإلكترون مع البروتون فتتوازن الذرة كهربياً. مع أن وزن البروتون أكبر من الإلكترون بـ 1860 مرة. وفي الفلك تسبح الكرة الأرضية بدوران منتظم حول الشمس بفعل تعادل قوتي الجذب والطرد فمن جهة تجذب الشمس الكواكب بثقلها الهائل ومن جهة تبتعد الأرض عن الشمس بقوة النبذ المحيطي وكل في فلك يسبحون. هذا في عالم الفيزياء والكوسمولوجيا. ولكن النفس الإنسانية تخضع لقوانين مشابهة ولكن من مستوى نوعي. فالنفس في أحسن أوضاعها حينما تتوازن بين شعورين من الخوف والأمل. وعندما يطارد مجموعة من الشرطة شقيا للقبض عليه يشتد في ركضه كأحسن ما يكون حينما يخضع لجذب الهرب ودفع الخوف ويشبه في هذا السيالة الكهربية المتحركة بين قطبي السالب والموجب. والقطبان في عالم النفس هما اليأس والأمل. وفي القرآن استعراض الأمرين في آيتين فمن جهة يقول أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون. حتى ينتهي بالقول فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون. وهو استعراض جميل من سورة الأعراف. وهو هنا ينتزع منهم شعور الأمن الكاذب. وفي موضع ثاني يقول فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون. وهذه الحركة النفسية بين الأمل وعدم الأمن أو بين الأمل واليأس هي مجال الحركة. ومن أراد فهم القرآن فيجب أن يقارن بين الآيات ويربط بينها وإلا أشكلت عليه وهذا هو الفهم البنيوي. ويخرج الجنين من الرحم بين الارتخاء والتقلص فإذا تقلص الرحم فلم يرتخ دخل الجنين مرحلة التكزز فمات. وإذا ارتخى فلم يتقلص لم يخرج الجنين ووقع الحمل في حالة عطالة قد يتطلب عملاً جراحياً. والقلب يعمل كمضخة بعمل البوتاسيوم فإذا نقص توقف وإذا زاد توقف فمات المريض في التقلص أو الارتخاء. وفي الجسم تعادل بين عمل الغدة النخامية وبقية الغدد ومنه تتولد الصحة العضوية. والخوف جيد إذا جاء في جرعته المعتدلة فيصحو المرء ويعرف حقيقة الحياة ولكن شعبا يقع تحت رعب المخابرات بالليل والنهار كارثة تحول المواطن إلى مريض بالزور. وفي الإنفاق أفضله أن لا يقبض يده أو يبسطها كل البسط فيقعد ملوما محسورا. وذراعنا والفخذ في حالة استواء في المفاصل بين المط والانثناء. وفي الفلسفة الصينية كل الكون يخضع لقانون الفعل ورد الفعل ويسمونه الين واليانج. وعند الزرادشتين قسموا العالم إلى ظلام ونور. وفي بلد ثوري تجرأ شاب أن يدخل جنة الانترنيت فيأكل من الشجرة المحرمة من مقالات المعارضة ويرسل بعضها فكانت عاقبته أن أخرج من جنة المخابرات مذؤوما مدحورا واعتقل الأشهر الطويلة في أقبية الأمن واعتبروه أنه حاقد على النظام له شبكة تنظيمية سرية في الانترنيت. وشاهدي من هذا الكلام أن الإرهاب يقود إلى عكسه كما في كل قوانين الكون. وأن الدفع بالتي هي احسن يحول العدو إلى ولي حميم. وهناك علاقة في مثلث محكم الضبط بين العدل والأمن والحريات. فمع العدل يولد الأمن. ومع الأمن تزداد الحريات. واليوم دخل البلاء على كل العالم فتقلص الأمن وتبخرت الحريات. وتراجع العدل. وكيف يكون عدل إذا ملك 1% من سكان الأرض 56% من ثروة كل الأرض؟
Ещё видео!