هناك ثلاثة انواع من مبادئ اعداد الموازنة العامة للدولة .
المبدا الاول مبدا عدم تخصيص الايرادات ويعني ان جميع الايرادات تدخل الى وعاء واحد هو الموازنة العامة للدولة ويتم الانفاق منها كلها بشكل متجانس بمعنى عدم تخصيص ايراد معين للانفاق منه على مصروف معين او على نفقة معينة .
بمعنى ايضا عدم فرض ضريبة معينة للانفاق من حصيلتها على مصروف معين او نفقة معينه ، ولكن هذا المبدا له استثناءات كثيرة في الوقت الحاضر وكثير من الدول تفرض الضرائب من اجل انفاق حصيلتها على خدمة معينه للناس . مثل فرض رسوم على السجائر من اجل الانفاق من حصيلة هذا الرسم على تطوير المستشفيات او فرض رسوم على التقديم في المناقصات العامة من اجل تطوير التعليم وبناء المدارس وغير ذلك. اذا مبدا عدم التخصيص اصبح له استثناءات كثيرة فى الوقت الحاضر ، ولكن كل ذلك يدخل في نطاق واحد وهو موافقة البرلمان.
بعد ذلك ناتي الى مبدا وحدة الموازنة يعتبر مبدأ وحدة الموازنة هو اهم مبدا من مبادئ اعداد الموازنة العامة للدولة ، وهو يعني ان جميع ايرادات الدولة تدخل في بيان واحد يقابلها جميع مصروفات الدولة ، بمعنى يتم اعداد بيان واحد به جميع ايرادات الدولة و جميع نفقاتها الا ان هذا المبدا ايضا اصبح له استثناءات مثل اعداد موازنة للهيئات الاقتصاديه المستقلة مثل هيئة مترو الانفاق هيئة السكك الحديدية هيئة المساحة كل هذه امثله على هيئات اقتصاديه مستقلة لها موازناتها المستقلة عن الموازنةالعامةللدولة ، .و هذا يعني اعداد موازنة خاصة بكل هيئة وفي الاخر الامر يتم اعداد موازنة عامة لكل الهيئات الاقتصادية. ولكن هذا لا يعتبر خروج عن مبدا وحدة الموازنة بشكل كامل لانها في النهاية يكون معروف حجم الانفاق من هذه الهيئات ومعروف ايضا حجم الايرادات منها.
وبالتالي فهي تدخل تحت سيطرة وزارة المالية ويستطيع مجلس النواب الرقابة عليها واعتماد مصروفاتها وايرادتها وموازنتها . ايضا هناك نوع اخر وهو الموازنات الخاصة بشركات القطاع العام التي تملكها الدولة وهذه لا تؤثر على الانفاق العام بشكل كبير لان هذه الشركات تنتج سلعا مادية ملموسة وبالتالي فان نفقاتها تكون في شكل تكاليف انتاج هذه السلعة يقابلها ايراد بيع هذه السلعة ، وبالتالي هي تعمل وفقا لاساس تجاري وليس وفقا لشكل خدمي كما في الموازنة العامة للدولة و لا حرج منها . ولكن الحرج هو ان يكون هناك صناديق لا تدخل في الموازنة العامة للدولة وليست تحت رقابة البرلمان او تحت رقابة وزارة المالية ويتم الانفاق منها على انشاء المشروعات العامة خاصة اذا كانت هذه الصناديق غير معروف حجم الاموال التي تنفقها وحجم الايرادات التي تدخل اليها وما هى مصادر هذه الإيرادات . ففي هذه الحالة اذا كان انفاق هذه الصناديق بالمليارات اى تنفق مبالغ ضخمة ، فانها سوف تخلق مشكلة كبيرة في الاقتصاد القومي نتيجة لزيادة الدخول التي تدفع للعمالة وبالتالي زيادة الطلب على النقود وبالتالي زيادة الطلب على السلع والخدمات نتيجة لزيادة النقود بين ايدي الناس . وهنا تاتي المشكلة ان الدوله تنفق في شكل موازنتها المختلفة من ناحية وهذه الصناديق تنفق من ناحية اخرى مبالغ كبيرة بالمليارات مما يؤدي الى زيادة الطلب على السلع و زيادة الطلب الكلي نتيجة زيادة الاجور المدفوعة للعمالة في المشروعات المختلفه . طبعا هذا يؤدي الى كارثه على مستوى الدولة تتمثل في ارتفاع الاسعار بشكل مستمر وتضخم مرتفع جدا نتيجه لان الطلب الكلى زاد نتيجة الانفاق على المشروعات القومية المختلفة من خارج الموازنة . وبالتالي نحن نوصى هنا الى ان يكون الانفاق من جهة واحدة فقط وهى الموازنة العامة وليس من اكثر من جهة خارج الموازنة العامة للدولة .خاصة اذا كانت هذه الصناديق تنفق بالمليارات او مئات المليارات او الاف المليارات .
ولذلك نجد ان الصناديق السيادية الكبيرة الضخمه مثل الصندوق السيادى النرويجي او الصندوق السيادى الكويتي او الاماراتي كلها تستثمر اموالها خارج بلادها في الولايات المتحدة الأمريكية بشكل اساسي لماذا ؟ . لانها لو استثمرت اموالها في داخل بلادها سوف يؤدي ذلك الى ارتفاع جنونى في الاسعار نتيجة لزيادة الطلب الكلي على السلع والخدمات نتيجة للاجور التي تدفع في المشروعات المختلفة ولذلك تذهب هذه الصناديق السيادية باموالها الى الولايات المتحدة الامريكية اكبر اقتصاد في العالم يستطيع ان يستوعب هذه الاموال الضخمة بالترليونات حيث يصل حجم الاموال التي تستثمرها الصناديق السيادية في العالم بشكل تقديرى الى عشره ترليون دولار سنويا وبالتالي لا يوجد سوق او اقتصاد يستطيع استيعاب هذه الاموال الا سوق الولايات المتحدة الامريكية فقط . معنى ذلك انه لابد هنا من تحجيم الصرف خارج الموازنة العامة للدولة يعني نكتفي فقط بالهيئات الاقتصادية . اما اذا كان الانفاق من خلال الصندوق في مشروعات البنية التحتية فأن هذا الانفاق لا يقابله منتج نهائى يتم بيعه فى السوق اى عدم وجود زيادة فى العرض الكلى للسلع فتكون النتيجة النهائية هو زيادة الطلب الكلى بشكل جنوني على السلع وبالتالي ارتفاع اسعارها بشكل جنوني ايضا و يتسبب هذا في موجات متتالية وكارثية من ارتفاعات الاسعار.
ناتي بعد ذلك إلى المبدأ الثالث وهو مبدا الشمول يجب ان تشمل الموازنة العامة للدولة جميع الايرادات في جانب له وجميع المصروفات في جانب منه ولا يكون هناك نوع من المقاصة .
يعني مثلا وزارة التموين تبيع التموين بمبلغ معين وتنفق عليه مبلغ معين فليس لها الحق في ان تعمل مقاصة بين النفقات والايردات وتسجل الصافي فقط في الموازنة ، ولكن تدرك جميع نفقاتها في الجانب المدين وجميع ايراداتها في الجانب الدائن هذا هو مفهوم مبدا الشمول المالي.
هذا كل شيء استودعكم الله
باحث اقتصادي
حسين علي مبارك
القاهره 2022
Ещё видео!