على الرغم من أنه لا توجد أي أدلة تاريخية لمعرفة أول من اكتشف النفط، إلا أن التراث العربي القديم قد يكون الوحيد ضمن ثقافات العالم الذي دخل فيه "النفط" ومرادفاته في لغته، لدرجة انتشار هذه الكلمة في الأسماء والأشعار والألقاب.
وتذخر المعاجم العربية بالحديث عن معاني كلمات النفط، والقار، والقطران، والكحيل، وغيرها، فقد قال ابن منظور في "لسان العرب": "القار وهو شيء أسود تطلى به الأبل والسفن، يمنع الماء أن يدخل".
وعرف العرب الصفات الأساسية للقار، فربطوا بين القار وشدة سواده واستحالة تغيير لونه ووثقوا ذلك في العديد من الأمثال في هذا المجال، إذ ورد في "لسان العرب": "لا أفعله حتى تبيض جونة القار"، والجونة هي الخابية.
وقال ابن رشد في "شرح البرهان": "وكذلك حمل البياض على الثلج والسواد على القار"، ويستخدم المثل السابق للتعبير عن استحالة رغبة الشخص بفعل شيء ما.
وقال معاوية الضبي: "فهذا مكاني أو أرى القار مغربًا.. وحتى أرى صم الجبال تكلم"، وجاء في لسان العرب أن المغرب في المثل السابق هو الأبيض، ومعنى البيت أن الشاعر وقع في مكان لا يرضى به وليس له منجى إلا أن يصير القار أبيض أو تكلمه الجبال وهذا ما لا يكون ولا يصح وجوده عادة.
كذلك قال عنترة بن شداد وهو يصف العرق السائل من رأس ناقته: وكأن رٌبًا أو كحيلًا معقدًا .. حش الوقود به جوانب قمقم"، والربُ هو شبيه الدبي أما الحكيل فهو نوع رديء من القطران.
وها هو النابغة الذبياني يقول في قصيدة اعتذاره من النعمان بن المنذر: "فلا تتركني بالوعيد كأنني ... إلى الناس مطلي به القار أجرب"، والقار هو النفط إذ كانت العرب تعالج الدابة الجرباء بطلائها بالقار.
وفي العصر الأموي، نرى الفرزدق يقول مفتخرًا: "أنا القطران والشعراء جربى ... وفي القطران للجربى شفاء"، ويرد عليه جرير قائلًا: "وداويت من عر الفرزدق نقبة ... بنفط فأمست لا يخاف نشورها"، والعر هو الجرب.
إن الأمثلة السابقة توضح أن النفط كان معروفًا لدى عامة العرب في حياتهم اليومية، لدرجة أنهم استخدموه في أمثالهم وأشعارهم.
في العصر الإسلامي الأول وخاصة في العصر الأموي، كان زيت النفط يستعمل في إنارة الفوانيس كما استخدم وقودًا للمنجنيق الملتهب في الحروب.
وقال أحد الشعراء يمدح يزيد بن المهلب والي خراسان عندما فتح جرجان وطبرستان أيام سليمان بن عبد الملك:
فحباه الإله بالنصر.. لما أن رماه بالنفط والنيران
وفتح جند هارون الرشيد مدينة هرقلة بعد أن رموها بالكتان المبلل بالنفط، وفي ذلك قال محمد بن أبي بكرٍ المكي:
هوت هرقلة لما أن رأت عجبًا.. جواثمًا ترتمي بالنفط والقار
لم تقتصر معرفة العرب بالنفط على صفاته واستخداماته، بل إن التراث الأدبي والتاريخي والشرعي يشير إلى أن المسلمين أول من أوجد كيانًا قانونيا وإداريًا لاستغلال النفط، فقد حفروا واستخراجوا النفط من مكامن سموها نفاطات.
وبجوار بغداد تقع مدينة القيارة التي استمدت أسمها من القار، بسبب وجود عدة نفاطات في المنطقة.
ولا ننسى عين ذي قار جنوب العراق التي دارت بقربها معركة ذي قار الشهيرة بين العرب والفرس، لقد سميت بذلك لإنها من العيون التي كانت تنتج القار بغزارة.
ونظرًا لانتشار القيارات والنفاطات وكثرة الاستثمار في القطاع النفطي، عُين في عهد الخليفة العباسي المعتصم واليًا للنفط، لتنظيم أمره والإشراف عليه، وهي وظيفة تشبه وظيفة وزير النفط في عصرنا الحديث، والأبيات التالية وردت في "ربيع الأبرار" للزمخشري كما ذكرها البيهقي في كتابه "المحاسن والمساوئ" تحت باب "مساوئ الولايات".
كتب عبد الصمد بن المعذّل إلى صديق له وليَ النفّاطات فأظهر تيهًا وتجبرًا:
لعمري لقد أظهرت تيهًا كأنما ... توليت للفضل بن مروان منبرا
وما كنت أخشى لو وليت مكانه ... علي أبا العباس أن تتغيرا
بحفظ عيون النفط أحدثت نخوة ... فكيف به لو كان مسكًا وعنبرا
دع الكبر واستبق التواضع إنه ... قبيح بوالي النفط أن يتكبرا
ومع شيوع استخدام النفط في عصرنا الحديث، زاد اهتمام التراث العربي به وهناك عشرات القصائد في عصرنا الحديث عن النفط، عسى أن تفرد لها "منصة الطاقة المتخصصة" حلقة خاصة.
#النفط #العرب
يمكنكم متابعة حسابات الطاقة من هنا 👇
تويتر:
[ Ссылка ]
فيسبوك:
[ Ссылка ]
لينكدإن:
[ Ссылка ]
تليجرام:
[ Ссылка ]
الموقع:
[ Ссылка ]
تاريخ النفط في الأدب العربي
Теги
تاريخ النفط في الأدب العربيالنفطتاريخ النفط العربيمنصة الطاقة المتخصصةالأدب العربيالطاقةالنفط السعوديالنفط الكويتيالنفط القطريالعالم العربي والنفطنشأة النفط في الدول العربيةأسماء النفطما هو القارالشعر العربي والنفطالأمثال العربية والنفطكيف تحدث التراث العربي عن النفطالنفط في العصر الإسلاميالنفط في العصر الأمويالنفط في الجاهليةالقطرانمدينة القيارةالنفط العراقيالعراق والقارعين ذي قار