في قديم الزمان، عاش ملك يُدعى "رادان" كان يحكم مملكة واسعة، مليئة بالثروات والخيرات. لكن رادان كان معروفًا بجشعه الذي لا يشبع، فكلما حصل على ثروة، أراد المزيد. كان يعتبر أن القوة الحقيقية تأتي من جمع الذهب والسيطرة على الموارد.
في أحد الأيام، أخبره أحد مستشاريه عن بحيرة سحرية في أطراف مملكته، يُقال إن مائها يستطيع تحويل أي شيء يلامسه إلى ذهب. فور سماعه بذلك، اشتعلت عيني الملك بالطمع، وأمر بتحضير رحلة فورًا للبحث عن البحيرة.
قاد الملك جيشًا من الجنود والخدم عبر الغابات والجبال، حتى وصلوا إلى البحيرة. كانت البحيرة خلابة، محاطة بأشجار شاهقة وأزهار متلألئة كالجواهر. ماؤها كان صافيًا بدرجة تعكس السماء بشكل خيالي، وبدت وكأنها جزء من عالم آخر.
اقترب الملك بحذر وألقى حجرًا صغيرًا في البحيرة، فشاهده يتحول فورًا إلى ذهب. ارتجف الملك من الإثارة وقال: "هذه هي فرصتي لأصبح أعظم ملوك الأرض!" أمر الملك جنوده بإقامة معسكر بجانب البحيرة وأصدر مرسومًا يمنع أي شخص من الاقتراب منها دون إذنه.
كان يخطط لتحويل كل شيء يمتلكه إلى ذهب: الحجارة، الأشجار، وحتى الماء العادي. لكن البحيرة كانت تحت حراسة روح طبيعية تُدعى "نيرا"، حامية البحيرة. ظهرت نيرا للملك في صورة امرأة ذات جمال لا يُوصف، وقالت: "أيها الملك، البحيرة ليست مِلكًا لأحد. استخدامها بشكل جشع سيؤدي إلى كارثة."
لكن الملك لم يستمع لتحذيراتها وأمر بحفر قنوات لنقل ماء البحيرة إلى قصره. بدأ العمل بنقل ماء البحيرة، وتحويل كل شيء يلامسه الماء إلى ذهب. كان الملك مبتهجًا برؤية ثروته تزداد يومًا بعد يوم، لكنه لم يدرك أن الطبيعة حول البحيرة بدأت تذبل.
الأشجار فقدت لونها، الحيوانات هجرت المكان، وتحولت الأرض إلى صحراء قاحلة. شعرت نيرا بالحزن والغضب، وقررت إعطاء الملك فرصة أخيرة. ظهرت له في الحلم وقالت: "توقف الآن، قبل أن تدمر نفسك وكل ما حولك. البحيرة ليست كنزًا بل مسؤولية."
لكن الملك تجاهل الحلم واستمر في طمعه. بعد أسابيع قليلة، بدأ ماء البحيرة ينضب، وتحولت المنطقة بأكملها إلى أرض قاحلة. حتى القصر الذي نقل إليه الماء الذهبي أصبح ثقيلًا للغاية وانهار تحت وزنه. ولم يكن الملك مستعدًا لما حدث بعد ذلك.
انقلب السحر على الساحر؛ فجأة بدأ كل ما حوله يتحول إلى ذهب، حتى الطعام والشراب. لم يعد بإمكان الملك أن يأكل أو يشرب، وبات محاصرًا في قصر مليء بالذهب لكنه جائع وعطشان.
في لحظة يأس، صرخ الملك طالبًا الرحمة. ظهرت نيرا أمامه للمرة الأخيرة وقالت: "الآن، هل تعلمت أن الطمع يدمر كل شيء؟" "أرجوكِ، أعدي كل شيء كما كان. سأعيد البحيرة وسأعيش حياة بسيطة،" قال الملك بتوسل.
رأت نيرا صدق توبته، فأعادت البحيرة إلى حالتها الطبيعية، لكن بثمن. فقد الملك ثروته وقصره، وأصبح يعيش كفلاح بسيط بجانب البحيرة، يعيل نفسه بالزراعة.
تعلم الملك أن السعادة لا تأتي من الذهب بل من احترام الطبيعة والعمل الجاد. عاش بقية حياته بجانب البحيرة، يحكي قصته للأطفال ليعلمهم أن الطمع لا يجلب سوى الخراب.
العبرة: الجشع لا يجلب السعادة، واحترام الطبيعة والمحافظة على توازنها هما مفتاح الحياة السعيدة.
Ещё видео!