السؤال: يقول الله تعالى: وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا [النساء:157]، إلى قوله تعالى: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا [النساء:159]، ويقول الله تعالى في سورة المائدة: مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [المائدة:117]، يقول السائل: ما معنى هاتين الآيتين عن النبي عيسى بن مريم؟ وهل توفاه الله تعالى أو ما زال حياً؟ وإذا كان حياً فما معنى قوله تعالى: فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ [المائدة:117]؟
الجواب: هذه الآيات في عيسى بن مريم يبين الله تعالى فيها كذب دعوى اليهود في قولهم: إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله، فإن اليهود ادعوا ذلك ولكن الله أكذبهم بقوله: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ [النساء:157] أي: أن الله ألقى شبهه على رجل كان هناك فقتلوا ذلك الرجل وصلبوه، وادعوا أنهم قتلوا المسيح عيسى بن مريم وصلبوه، ولكن الله تعالى كذبهم، ثم قال مؤكداً ذلك: وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا [النساء:157-158] ، فعيسى بن مريم لم يقتل ولم يمت بل رفعه إليه الله سبحانه وتعالى حياً على القول الراجح من أقوال أهل العلم، أما أن اليهود لم يقتلوه فإنه نص القرآن، ومن ادعى أنهم قتلوه فقد كذب القرآن، ومن كذب القرآن فهو كافر بالله عز وجل فإن الله يقول: وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا [النساء:157] أي: قولاً متيقناً أنهم لم يقتلوا المسيح عيسى بن مريم، يبقى النظر في قوله تعالى: فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ [المائدة:117] ، وقوله: بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وقوله: وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا وما أشبه ذلك فكيف يجمع بين هذه الآيات؟
والجواب: أن الجمع بينها هو أن المراد بالوفاة في قوله تعالى: فلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي [المائدة:117] إما القبض، فقبض الشيء يسمى وفاة، ومنه قولهم: توفى حقه أي: قبضه وافياً كاملاً، وإما أن يراد بالوفاة النوم فإن النوم يسمى وفاة، كما قال الله تعالى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى [الزمر:42]، وقال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى [الأنعام:60]، ويكون معنى ذلك أن الله تعالى ألقى عليه النوم ثم رفعه من الأرض نائماً، وليس المراد بالوفاة وفاة الموت؛ لأن عيسى عليه الصلاة والسلام لم يكن قد مات الآن وسينزل في آخر الزمان ينزل إلى الأرض فيحكم بين الناس بشريعة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يقبل الجزية ولا يقبل إلا الإسلام، وبهذا تبين أنه لا منافاة بين قوله: فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ [المائدة:117]، وبين قوله: وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ، وقوله: بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ .
مداخلة: يعني: نزول النبي عليه السلام عيسى إلى الأرض وحكمه بشريعة الإسلام، هل من كان غير مؤمن بشريعة الإسلام قبل نزول عيسى عليه السلام ثم آمن به بعد نزوله؟ هل يعد هذا مؤمناً حقيقياً؟
الشيخ: نعم يعد مؤمناً حقيقة؟
مداخلة: يعني لا تنتهي التوبة إلى هذا الوقت؟
الشيخ: لا تنتهي التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها.
Ещё видео!