مُصعب بن عُمير .. كان شابًا ثريا مُنعمًا ومدللًا، ولكنه اختار السلوك إلى الله، والانحياز إلى الإسلام بتفكيره وشعوره وعلاقاته وممكناته كلها، وقاوم ثقافة مجتمعه ومعتقداته الجاهلية حتى مات شهيدًا في غزوة أحد دفاعًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن رسالة الإسلام الخالدة ومجتمعه الجديد ( مجتمع المدينة) ضد المجتمع الذي نشأ فيه ( مجتمع قريش).
استشهد مصعب بن عمير، فلم يجد مجتمع المدينة كله شيئا يُـكفونه فيه؛ أي أن انحيازه للحق المطلق أدى إلى أنه فقد الدنيا كلها، ومات ممزق الجسد، مقطع الثياب، وسط قومٍ لا يملكون أن يعطوه حتى ثيابًا يموت فيها!
دروس مصعب بن عمير التي يمكن ان يعلمنا إياها في زماننا هذا كثيرة؛ ولكن هذه بعضها:
- عندما تسلك إلى الله ستفتح لك أبواب وستغلق أمامك أبواب، ستنال بعض ما تتمنى وستُمنع عن بعض ما تتمنى، سيبدلك الله خيرًا مما فقدت أو سيدخر لك ذلك يوم القيامة، ليس هناك وعدٌ من الله أن تجد كل ماتتوقع في الدنيا.
- التنعم والسلامة والأمان لا يدلون على أنك على الحق ( فالمهم هو صدق انحيازك للإسلام بأفكاره وشعورك وعلاقاتك وسلوكك، وحياتك وموتك على ذلك)
- تبدل حالك من النعيم إلى الأذى والهجرة والاغتراب لا يدلون على أن الله قد تخلى عنك أو أنه خذلك أنت ومن هم مثلك ( فالمهم هل تلك التضحيات لأجل الله وفي سبيله وفي طريقه وعلى منهج نبيه، أم جاءت لك نتيجة لانحرافك عن الطريق؟ )
نسأل الله أن يرزقنا حسن السلوك إليه، وأن يأخذ بأيدينا في دروب الحياة، فنتأسى بالإنسان الصحابي الذي يتأمل سيرته الأستاذ الشيخ طوال هذه السلسلة (سلسلة معايشة الأنبياء والصالحين)؛ كما نسأل الله أن يعيننا أن نتمثلهم في أنفسنا، فلا تعود تؤثر فينا الثقافة الغالبة، ولا قيم مجتمعاتنا الهشة التي لا تصنع إلا إنسانا مكسورًا لا يفقه الحياة ولا يستطيع تحمل مكروبها وبلاءها الطبيعي، ومن ثم لايستطيع القيام بأمانة التكليف فيها.
ونسأله أن يفرج كرب الأستاذ الشيخ العالم حازم أبو إسماعيل، وأن يجزيه بما سار على درب الصحابة بتعليمه ومواقفه خيرا، وبما جدد لنا سيرتهم في نفسه، فلم يعودوا قصصا أسطورية، بل صاروا قدوات حقيقية تتطلع إليها قلوب المؤمنين وتتجه نحوها أبصارهم.
اللهم آمين
Ещё видео!