غالبا ما يستغرق تشييد المباني وناطحات السحاب ومشاريع البنى التحتية شهورا، إن لم يكن سنوات، لكن ماذا عن بناء المستشفيات وناطحات السحاب في غضون أيام معدودة؟ مرحبا بكم في الصين. تتصدر الصين عناوين الأخبار في سرعة البناء، من بينها بناء مستشفى لمصابي الجائحة مكون من 1500 غرفة في 5 أيام. كما بنت شركة "برود ساستينابل بيلدينج" (Broad Sustainable Building) في مقاطعة هونان ناطحة السحاب "ميني سكاي سيتي" (Mini Sky City) المكونة من 57 طابقا في 19 يوما. أي بمعدل ثلاثة طوابق في اليوم. وتمكنت شركة "بورد" الصينية، من تشييد مبنى في مدينة تشانغشا الصينية مكون من 10 طوابق، في 28 ساعة و45 دقيقة فقط. وهناك عشرات الأمثلة تؤكد سرعة البناء في الصين. لكن كيف تفعلها الصين؟ وراء المعجزة الصينية في سرعة البناء عدة عوامل أولها التكنولوجيا، مثلا، صنعت الصين آلة تسمى "إس إل جيه 900" يطلق عليها "الوحش الحديدي"، هذه الآلة تتحرك على 64 عجلة وبوزن 580 طنا وطول 91 مترا، ما يعادل طول ملعب كرة قدم، وتقوم بنقل وتثبيت ألواح الخرسانة الواحد تلو الآخر على الجسور وخطوط السكك الحديدية. كما صنعت الصين آلة أخرى تسمى "كونلون" تعمل على بناء جسر خليج ميوجو البالغ طوله 9.1 ميل في جنوب شرق الصين، هذه الآلة قادرة على نقل أجزاء الجسر بطول 40 مترا ووزن 1000 طن في كل مرة. أيضا تعتمد الصين تقنية أنظمة البناء سابقة التجهيز، حيث يتم تشييد المبنى عن طريق تجميع وحدات تم بناؤها مسبقا يتم تثبيتها في مكانها وتحويلها إلى مبنى مشيد بالكامل. في الواقع، التكنولوجيا ليست كل شيء وراء تفوق الصين في سرعة البناء والإنجاز فهناك الدعم الحكومي على سبيل المثال، إذا أرادت دولة في أوروبا مد خطوط سكك حديدية، يتم عمل دراسات جدوى تفصيلية قبل مد متر واحد من مسار السكك الحديدية، والتأكد من الجدوى الاستثمارية من ورائه، وإذا لم تثمر الدراسات عن توقعات بتحقيق ربح، لن ينفذ المشروع. أما في الصين، فإن الحكومة هي من يمول مشروعات السكك الحديدية وتهتم بمد خطوطها حتى المدن الأقل كثافة سكانية متوقعة تزايد عدد السكان بمرور السنوات، وبالتالي، التحول إلى تحقيق عائد ربحي من وراء المشروعات المنفذة. عامل آخر يكمن في تجاهل الآثار على المناخ، ففي دول الغرب، ربما يتعطل مشروع لسنوات بسبب نشطاء بيئة يعترضون على تنفيذه. كما يؤخذ في الحسبان تكلفة أعمال الصيانة المستقبلية بسبب أحوال الطقس القاسية، الأمر الذي يلغي فكرة المشروع أو يحول مساره. وتواجه أيضا شركات التطوير العقاري مشكلة شراء الأراضي اللازمة لتنفيذ المشروع والتي عادة ما تكون باهظة التكلفة. أما في الصين، فقد لا تجد الحكومة الصينية من يعارض قراراتها، وإذا ما اختارت الحكومة قطعة أرض لينفذ عليها المشروع، فإن الحكومة تستحوذ عليها وتدفع التعويض لأصحابها وتتكفل بالإنفاق على أعمال الصيانة للمشروع
Ещё видео!