ما لم تسمعه عن سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه للشيخ د.عثمان الخميس
قَد جاءَت في شَأنِ أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عنه آياتٌ وأحاديثُ مُنَوِّهةٌ بفَضلِه. ومِمَّا جاءَ في ذلك مِنَ القُرآنِ الكَريمِ:
1- قَولُ اللهِ تعالى إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [التوبة: 40] .
قال ابنُ عَطِيَّةَ: (هَذِه الآيةُ مُنَوِّهةٌ بأبي بَكرٍ حاكِمةٌ بقَدَمِه وسابِقَتِه في الإسلامِ رَضِيَ اللهُ عنه) .
2- قال اللهُ سُبحانَه: وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى [الليل:17 – 21].
قال ابنُ الجوزيِّ: (قَولُهُ عَزَّ وجَلَّ: وَسَيُجَنَّبُهَا، أي: يُبعَدُ عنها، فيُجعَلُ مِنها عَلى جانِبٍ، الْأَتْقَى يَعني: أبا بَكرٍ الصِّدِّيقَ، في قَولِ جَميعِ المُفَسِّرينَ، الَّذِي يُؤتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى أي: يَطلُبُ أن يَكونُ عِندَ اللهِ زاكيًا، ولا يَطلُبُ الرِّياءَ ولا السُّمعةَ، وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى أي: لم يَفعَلْ ذلك مُجازاةً ليَدٍ أُسْدِيَت إليه) .
3- وقال تعالى: وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ [النور: 22].
قال الرَّازي: (أجمَعَ المُفَسِّرونَ عَلى أنَّ المُرادَ مِن قَولِه: أُولُو الفَضْلِ أبو بَكْرٍ، وهَذِه الآيةُ تَدُلُّ عَلى أنَّه رَضِيَ اللهُ عنه كانَ أفضَلَ النَّاسِ بَعدَ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم... قال لِمُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ [المائِدة: 13] وقال في حَقِّ أبي بَكْرٍ: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا فمِن هَذا الوَجهِ يَدُلُّ عَلى أنَّ أبا بَكْرٍ كانَ ثانيَ اثنينِ لِرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في جَميعِ الأخلاقِ حَتَّى في العَفوِ والصَّفحِ... قَولُه: أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ فإنَّهُ سُبحانَه ذَكرَهُ بكِنايةِ الجَمعِ عَلى سَبيلِ التَّعظيمِ، وأيضًا فإنَّهُ سُبحانَه عَلَّقَ غُفرانَه لهُ عَلى إقدامِه عَلى العَفْوِ والصَّفحِ، فلَمَّا حَصَلَ الشَّرطُ مِنهُ وجَبَ تَرتيبُ الجُزاءِ عليه، ثُمَّ قَولُه: يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ بصيغةِ المُستَقبَلِ وأنَّه غَيرُ مُقَيَّدٍ بشَيءٍ دونَ شَيءٍ؛ فدَلَّتِ الآيةُ عَلى أنَّه سُبحانَه قَد غَفَرَ لهُ في مُستَقبَلِ عُمرِه عَلى الإطلاقِ، فكانَ من هَذا الوَجهِ ثانيَ اثنينِ لِلرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في قَولِه: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ) .
ومِمَّا جاءَ في السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ من فَضائِلِه رَضِيَ اللهُ عنه:
1- عن أنسِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنه عن أبي بَكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((قُلتُ لِلنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأنا في الغارِ: لو أنَّ أحَدَهم نَظَرَ تَحتَ قَدَمَيه لأبصَرَنا، فقال: ما ظَنُّكَ يا أبا بَكْرٍ باثنينِ اللهُ ثالِثُهما؟ ))
Ещё видео!