عند حدوث أزمة اقتصادية، ركود أو كساد مثلا، غالبا ما نجد بعض الناس يوجهون لرجال الاقتصاد أسئلة مثل: لم لم يتوقعوا الأزمة قبل وقوعها؟ أو لم لا يتفق الاقتصاديون على حل واحد؟ أصحاب هذا النوع من الأسئلة غالبا ما يعتقدون أن كل الاقتصاديين يعملون في اختصاص واحد وبإمكانهم الإجابة
ببساطة.. الاقتصاد مثل باقي العلوم له أفرع عديدة وتخصصات فهناك مختصون في الاقتصاد الكلي وآخرون مختصون في الاقتصاد الجزئي ينتمون إلى مجموعتين مختلفتين تحت مظلة أكاديمية واحدة هي الاقتصاد
فما الفرق بين الاقتصاد الجزئي والاقتصاد الكلي؟
لنتخيل أن الاقتصاد هو علم البيئة فيأتي أحد علماء البيئة المتخصص في دراسة علم الأحياء ويقرر دراسة إحدى البحيرات ويركز في دراسته على مواضيع محددة مثل نوع من القواقع أو الأسماك ونوع الغذاء الذي تحتاجه لتعيش، أو دراسة أنواع معينة من الطحالب أو النباتات وطرق تكاثرها لكن هناك عالما آخر يفكر في دراسة النظام البيئي بأكمله للبحيرة، ويدرس كل الكائنات التي بالبحيرة ومن يتغذى على الآخر، وكيف يبقى نظام البحيرة في حالة توازن وما الضغوط البيئية التي تؤثر على هذا التوازن،
مثلا إذا انقطع المطر أو ارتفعت الحرارة.. كم ستصمد البحيرة قبل أن تتبخر في الحقيقة كلا العالمين درسا البحيرة لكن من وجهات نظر مختلفة بطريقة مماثلة يدرس كل من الاقتصاد الجزئي والاقتصاد الكلي نفس الاقتصاد، لكن لكل منهما نقطة انطلاق ومنظورا وتركيزا مختلفا فيهتم الاقتصاد الجزئي بالسلوك الفردي للمنشأة ومعرفة حجم الإنتاج الذي يعظم أرباحها، ويهتم أيضا بسلوك المستهلك ومعرفة كيفية توزيع إنفاقه بين السلع المختلفة بحيث يحقق أقصى إشباع ممكن في حدود دخله
ويركز الاقتصاد الجزئي على أنماط العرض والطلب وتحديد الأسعار والإنتاج في الأسواق الفردية وغالبا ما يجيب عن أسئلة مثل: "كم عاملا يجدر بالشركة تعيينه لزيادة إنتاجها وتعظيم أرباحها؟ وإن أطلقت الشركة المنافسة منتجها في منتصف العام.. متى يكون أفضل وقت لتطلق شركتنا منتجها؟ أما الاقتصاد الكلي فيدرس أداء الاقتصاد ككل ويركز على التغيرات الكلية في الاقتصاد مثل البطالة والناتج المحلي الإجمالي والتضخم وأسعار الفائدة والإنفاق الحكومي والنمو للبلاد كلها ويجيب الاقتصاد الكلي عن أسئلة مثل: هل سترتفع نسبة البطالة إن زادت الضرائب؟ وهل زيادة الإمدادات النقدية ستحسن الناتج أم ستزيد التضخم فقط؟ وهل الركود الاقتصادي في الصين مثلا سيتسبب في تباطؤ اقتصاد الشرق الأوسط؟ وعلى الرغم من الاختلاف في جوانب اهتمامات كل من الاقتصاد الكلي والجزئي، إلا أن هناك علاقة بينهما. فمثلا مستويات الإنتاج والاستهلاك الكلي هي نتيجة لاختيارات الأسر والشركات الفردية أيضا زيادة معدل التضخم في الدولة تؤدي لارتفاع سعر المواد الأولية في الصناعات، مما يؤدي إلى تغيير سعر المنتج النهائي الذي يدفعه المستهلك، وهنا نرى التداخل الواضح بين فرعي علم الاقتصاد
