الدكتور عدنان إبراهيم
عنوان الخطبة| مش عادي
قال نحتاج إلى قدر من الحكمة زائد – ليس أن نكون حُكماء، أن نكون حُكماء بقدر Over، أي زائد – لكي نُدرِك أن أكثر إن لم يكن كل ما نعده عادياً في حياتنا ليس عادياً، غيَّرت من حياتي هذه الكلمة لهذا الفيلسوف الكبير والمُؤرِّخ العظيم، غيَّرت حياتي حقيقةً، بمعنى ماذا؟ لكي نكون واضحين جداً جداً سنقول:
يا أيها الزوج ليس عادياً بالمرة – (خصوصاً في هذا الزمان الأغبر) إن جاز التعبير، هذا ليس عادياً بالمرة، وأُخاطِب هنا الأزواج – أن يكون لك زوجة ديّنة، صيّنة، مُطيعة، طيبة، ترعاك في نفسها وولدك ومالك، تُحافِظ على شرفك واعتبارك بين الناس، تُحِبك، وتفي بعهدك، مش عادي، والله العظيم مش عادي! ما رأيكم؟ واسألوا الذين نكبتهم أزواجهم بالخيانة والعار والشر المجلوب إليهم وإلى بيوتهم، مش عادي!
ولذلك هذه الزوجة التي نثرت لك بطنها وأعطتك خمسة أو ستة أو سبعة – وأحياناً أكثر – من الأولاد إياك أن تكفر نعمتها وتجحد عهدها، لأنها كبرت وأنت زاد مالك، فتُريد غيداء، خمصانة، وسيمة، قسيمة، تُجدِّد بها شبابك الذاهب وعهدك الدابر، إياك يا أحمق – حاشاكم -، لأنك ستكون أحمق، وستعض إصبع الندامة عما قريب، إياك! كُن حكيماً، إياك أن تلعب بك المُسلسَلات والأفلام والكلام الفارغ هذا، انتبه من تفاهات العصر، كُن رجلاً وازناً، كُن رصيناً، افهم أن ما أنت فيه مش عادي.
لذلك سيحدث الآتي إذا فهمت هذا واستفدت منه، لأنك قد تقول لي ما النتيجة؟ وأقول لك بلا مُبالَغة ستبقى عريساً طيلة حياتك، سترى أن هذه عروس، هذا لا يزال أول شهر عسل لنا، ما رأيك؟ مع أن القاعدة تقول بعد خمس سنوات يبدأ السأم ويبدأ الملل في عُش الزوجية، معروف هذا في العالم، لا! تنكسر هذه القاعدة مع أمثال هؤلاء الحُكماء، طبعاً هذا الحكيم حكمته ستدفعه دفعاً إلى أن يتمثَّلها ويُعبِّر عنها بألف طريقة وطريقة، وستسعد هي بهذا تماماً، ستُشعِرها دائماً أنكِ عروسي المُفضَّلة، منبع السعادة والهناء والفرحة الدائمة لي والأمان في هذه الحياة الصخّابة الموّاجة.
أيتها الزوجة مش عادي بالمرة أنك تحظين بزوج ديّن، تقي، شريف، عفيف، بيتوتي، مُهتَم بالعائلة، يرعاكِ وولدكِ، لا يأتيكِ عند الفجر وفي أواخر الليالي سكران طافحاً كما يُقال، يسب ويضرب ويشتم ويكسر، لا يجلب لكِ العار ولولدكِ بأفعاله النكدة المنكورة المنكودة، مش عادي! مش عادي أن هناك زوجاً يعمل ويتعب ويُنفِق بحس مسؤولية على عائلته، وأحياناً يُقتِّر على نفسه في ملبسه وزينته ومركبه، من أجل أن ترفه عائلته، مش عادي، والله هذا ليس عادياً أيتها الحمقة – حاشاكن -، حين تُصبحِين حمقاء وترين أن هذا عادياً وكل الرجال يفعلونه ستفقدينه يا حمقاء وستعضين إصبع الندم، وأتحدَّث عن تجارب كثيرة، والحمقاوات كثيرات كما الحمقى يملأون وجه الأرض، غص بهم العالم!
وأختم بهذه الصورة البسيطة، يُمكِن الآن بعد أن نفرغ من صلاة العصر وننطلق إلى بيوتنا أن نتبضَّع، جميل جداً، مش عادي يا أختي أن زوجكِ كلما عاد من عمله أو من منشطه أن يفتح عليكِ التليفون – كما نقول – ويقول لكِ ماذا تُريدين يا حبة عيني ويكتب ما تُريدين، مش عادي والله، ليس كل الرجل يفعلون هذا، وتطلبين عشرة أشياء فيأتيكِ بعشرين، تطلبين بخمسين فيأتيكِ بمائتين، مش عادي، احفظي قدره، اظهري الامتنان والعرفان له دائماً، دائماً! لا تملي من قول لا حرمنا الله منك ومن كرمك ومن حنانك ومن أبوتك، ما شاء الله عليك، لا تملي من هذا، وأنت أيضاً لا تمل، مع كل طبخة، مع كل مشهد جميل، ومع كذا وكذا، لا تمل أبداً، افعل هذا باستمرار.
بالمُناسَبة قد يقول لي أحدكم هل هذه خُطبة دينية؟ هذه في صميم الدين، مَن لا يشكر الناس لا يشكر الله، الدين علَّمنا هذا، وأعظم الناس منّة علينا الوالدون، الآباء والأمهات، الوالدون ثم الأزواج والزوجات، فعلينا أن نُظهِر الامتنان والشكر الحقيقي، فتعودون تتبضعون ثم تجلسون في المساء بعد صلاة المغرب، يحسن أن تكون جماعة، هذا شيئ عظيم، اللبأ وابن طاب كما يُقال، تُولِّعون شمعة بسيطة، تضعون رائحة عبقة، تجلسون هكذا وتتناولون أشياء مُعيَّنة، ربما تُتابِعون مُسلسَلاً أو فيلماً لا يخدش الحياء، أو تفتحون موضوعاً للنقاش، سعادة وأي سعادة والله! ومجانية تقريباً، شمعة وبعض الرائحة، سعادة غير عادية، والله العظيم يشتاق إلى أمثالها الملوك ولا يجدونها، الذين يبيت أحدهم كل ساعة في مكان، يخاف من الاغتيال، يخاف من القتل، ويخاف من أقرب المُقرَّبين إليه.
اسعدوا وافرحوا واشكروا ربكم، اللهم اجعلنا من عبادك الذاكرين والمُحسِنين والشاكرين.
Ещё видео!