#مكامن_التاريخ
حركة مسلحة أطاحت بحكم رئيس الوزراء عبدالكريم قاسم، وأعلنت تولي عبدالسلام عارف رئاسة الجمهورية ..
انقلاب الثامن من شباط/ فبراير (ألف وتسعمئة وثلاثة وستون)
بعد فترة زمنية قليلة من نجاح تنظيم الضباط الوطنيين في العراق بالإطاحة بنظام الحكم الملكي وتحويل نظام الحكم إلى النظام الجمهوري عام (ألف وتسعمئة وثمانية وخمسين)، بدأت بوادر الخلافات بين الأحزاب والقوى السياسية والضباط الوطنيين أو ما يعرفوا «الأحرار»، حيث كانت القوى القومية بزعامة العقيد عبد السلام عارف وحزب البعث تنادي بالوحدة الفورية مع الجمهورية العربية المتحدة، في المقابل، وفي محاولة لخلق حالة من التوازن السياسي، حاول الحزب الشيوعي العراقي الذي كان معارضًا لفكرة الوحدة لطرح فكرة التعاون مع الجمهورية العربية المتحدة في المجالات الاقتصادية والثقافية والعلمية بدلاً من الوحدة السياسية والعسكرية الشاملة.
ساءت علاقات رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم تدريجياً مع بعض زملائه من أعضاء تنظيم الضباط الوطنيين، ثم تعكرت علاقته كذلك مع التيارات الوحدوية والقومية، التي لعبت دوراً فاعلاً في دعم انقلاب سنة (ألف وتسعمئة وثمانية وخمسين)، أما التيارات المتصارعة في الحزب الشيوعي العراقي فكانت طامحة للتحالف معه، والتي كانت يجمعها علاقات مع عبدالكريم قاسم منذ أمد بعيد، واعتقد قاسم حينها أن بعض حلفائه الشيوعيين أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من الوثوب إلى الحكم، مما جعله يصمم منذ ذلك اليوم على تحجيم التيار الشيوعي المتحفز لقلب نظام الحكم وتقليم أظافره، فقام بسحب السلاح من ميليشيا الحزب واعتقال معظم قادتها، إلا أنه أبقى على التيار الموالي له، والذي كان من قياداته العميد الطيار جلال الدين الأوقاتي قائد القوة الجوية والمقدم فاضل عباس المهداوي ابن خالة عبدالكريم قاسم.
تشكل الصراع
بدأ الصراع بين قاسم ورفقائه من أعضاء تنظيم الضباط الوطنيين والشخصيات السياسية الفاعلة في الساحة السياسية من مختلف التيارات، بسبب خلافات معه في بعض القضايا، منها تفرده في السلطة وفرضه لهيمنة العسكر والحزب الشيوعي على الوزارة والسياسة العراقية، حيث منح صلاحيات واسعة للتيارات اليسارية من الشيوعيين المعارضين لتطبيق الأحكام الإسلامية في القانون العراقي والذين كانوا وراء إصدار قانون الأحوال الشخصية الذي شجبته المراجع الدينية، وكذلك ابتعاد قاسمعن ما اتفق عليه فيما سمي بالميثاق الوطني لتنظيم الضباط
الأحرار لانضمام العراق للاتحاد العربي المسمى "الجمهورية العربية المتحدة"، بل وأقحم في عداء مع أغلب الدول العربية ، وخاصةً المحيطة بالعراق، وليلحقها بإلغاء عضوية العراق من الجامعة العربية.
ولعبت الاضطرابات التي حدثت خلال حكم قاسم دوراً كبيراً في الصراع، وذبك بسبب حملات إعدام بعض قادة تنظيم الضباط الوطنيين والأحداث التي قامت بها المليشيات الشيوعية في الموصل وكركوك، علاوةً على انتفاضة الأكراد في سبتمبر / أيلول من عام (ألف وتسعمئة وواحد وستون) وضربهم بقسوة، مما أدى إلى إضعاف أكثر للهيمنة المركزية لقاسم على حكم العراق، كما كان لطلب قاسم في العام ذاته ضم الكويت للعراق أثر في زعزعة السياسة الخارجية كذلك.
ليتحول صراع الأيديولوجيات بشكل تدريجي إلى صراع مسلح بين الفرقاء، وبدأت سلسلة من المحاولات من الجانبين لفرض المواقف فبعد أن أحس بعض رفاق سلاح عبد الكريم قاسم في تنظيم الضباط الوطنيين ومعهم شخصيات من التيار القومي وحزب البعث بأن عبد الكريم قاسم يمارس معهم عملية اقصاء، لعدم تنفيذه ما اتفق عليه قبل انقلاب الرابع عشر من يوليو/ تموز وانفراده بالحكم، شجع ذلك عضو التنظيم العقيد عبد الوهاب الشواف بالقيام محاولة انقلاب عسكرية عرفت باسم ثورة الشواف (ألف وتسعمئة وتسعة وخمسين)، والتي أخمدها العميد عبد الكريم قاسم وأعدم منفذيها، والذي تلاه استهداف لقاسم في نفس العام من قبل حزب البعث في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، حيث تعرض عبد الكريم قاسم لمحاولة اغتيال سببت له إصابات بليغة في كتفه.
وفي تاريخ تلك المرحلة وقعت ثلاثة أحداث مثيرة للجدل، وهي ما أشيع من قبل حكومة عبد الكريم قاسم عن اكتشاف محاولات قلب نظام الحكم والتي لم يتم التأكد من صحتها بالوثائق أثناء المحاكمات التي عُقدت بشأنها ولا بعد ذلك، إضافة لتقديم المشتكين لوثائق أخرى تثبت برائتهم، مما أثار سخط الرأي العام في حينه حول ما أسموه الدواعي وراء اتهام قادة حركة الرابع عشر من يوليو/ تموز أو الرموز الوطنية الأخرى.
الحدث الأول هو ما أشاعته الحكومة بأن عبد السلام عارف حاول اغتيال عبد الكريم قاسم، والحدث الثاني تمثل بزج اسم عميد أركان الحرب ناظم الطبقجلي مع المتهمين بحركة الشواف، والتي لم تستطع المحكمة بالوثائق اثبات التهمة المنسوبة إليه. وأما الحدث الثالث الذي شغل الرأي العام فهو ما أشاعته الحكومة بان الغاية من عودة رشيد عالي الكيلاني باشا رئيس الوزراء الأسبق وقائد حركة مايو/ أيار عام(ألف وتسعمئة وواحد وأربعون) هو التخطيط لمحاولة انقلابية في (ألف وتسعمئة وتسعة وخمسين) وهو ما قام الكيلاني بنفيه.
ولكن، في الثامن من شباط (ألف وتسعمئة وثلاثة وستون)، سيطر ضباط الحركة على مبنى وزارة الدفاع، لينجحوا في الانقلاب على الحكم والإطاحة بنظام قاسم في النهاية.
Ещё видео!